منتديات جمال البحرين
اهلا بك زائرنا الكريم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات جمال البحرين
اهلا بك زائرنا الكريم
منتديات جمال البحرين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسات بيانية من سورة الناس

اذهب الى الأسفل

 لمسات بيانية من سورة الناس Empty لمسات بيانية من سورة الناس

مُساهمة من طرف jassim الثلاثاء أبريل 10, 2018 12:50 pm

سورة الناس




*هدف السورة*




سورة مكيّة وهي ثاني المعوذتين وفيها الإستجارة والاحتماء برب العالمين (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) من شر أشد الأعداء ابليس وأعوانه من شياطين الإنس والجن (من شر الوسواس الخنّاس) الذين يغوون الناس بشتى أنواع الغواية ليضلوهم ويبعدوهم عن عبادة الله الواحد الديّان (الذي يوسوس في صدور الناس* من الجنة والناس) . الإستعاذة في هذه السورة هي من شرور الإنسان الداخلية التي تقع عليه أم على غيره وهي استعاذة من المعايب. وفي هذه السورة استعاذة من شر واحد ألا وهو شر وسوسة الشيطان المهلكة بالرب والملك والإله. وكلمة الناس المتكررة كل منها تدل على معنى مختلف لتتناسب مع كلمة رب وملك وإله. فالناس الأولى أقل من الناس التي بعدها والأخيرة فقد تدرج معنى كلمة الناس من القلة إلى الكثرة على عكس كلمة الرب والملك والإله فقد تدرج من الكثرة إلى القلة، فالرب هو المرشد الموجه وقد يكون هناك العديد من المرشدين في المجتمع لكن لكل دولة ملك خاص بها والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد لا شريك له لكل الخلق من الإنس والجن. فالإله إله الخلق جميعاً وناسه كثر أما الملك فناسه أقل من الإله وكذلك الربّ ناسه أقل لأن الرب هو رب المؤمنين الطائعين فقط وليس كل الناس مؤمنين.




وهذه السورة اختتم بها آيات المصحف الشريف وهي خير ختام لهذا القرآن  ويتناسب مع بدايته بسورة الفاتحة التي خاطب بها الله تعالى الناس بقوله (الحمد لله رب العالمين) (إياك نعبد وإياك نستعين) ثم جاءت هذه السورة (من الجنة والناس) لتشمل العالمين جميعاً وهم كلهم من بداية الأمر إلى نهايته يستعينون بالله تعالى ويلجأؤون إليه. ومن الملاحظ أن الله تعالى قدم الجنة على الناس لأن الجنّة هم الأصل في الوسوسة. هذا والله أعلم.




وهذا ختام هذا الجزء وختام القرآن الكريم الذي أوصيكم وأوصي نفسي بعدم هجره بأي طريقة من طرق الهجر ولا نكون ممن قال فيهم الرسول r (إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) ولنعمل به كما أوصانا رسولنا وقدوتنا محمد r (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي). ومثل الذي يقرأ القرآن ولا يقرأه كمثل الحيّ والميت، فلنحيي قلوبنا وبيوتنا بالقرآن العظيم وبتدبر آياته واتّباع أوامره واجتناب نواهيه ولنتخلّق بأخلاقه ولنقيم حدوده ولنزداد من الحسنات لأن هذا القرآن العظيم هو كنز الحسنات فمن قرأ منه حرفاً فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف وأنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف، فكيف بعد هذا النعيم كله وهذا الكنز العظيم يمكن لأحدنا أن يهجر هذا القرآن العظيم أو لا يتدبره فهو منهج حياة المسلم والذي يؤدي به إلى رضى الله تعالى وجنات عدن التي وعد الله عباده المؤمنين بها، جعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتّبع أحسنه وممن يقيم حدود القرآن لا من يقيم حروفه ويضيّع حدوده ووفقنا جميعاً لفهم كتابه العزيز وتطبيق أحكامه والامتثال لأوامره حتى ننعم بسعادة الدارين ونكون من أهل القرآن وخاصته الذين هم أحباب الله تعالى وجعلنا الله تعالى ممن يشفع لهم القرآن يوم القيامة ويقول حرمته النوم بالليل فشفّعني فيه اللهم آمين . وهذا القرآن العظيم فيه شفاء للصدور والأمراض النفسية ومراد الله تعالى في هذا القرآن عظيم وهو صالح لكل زمان ومكان وفيه الخير لأمتنا ولا تنقضي عجائبه والغوص إلى أعماقه ليس بالأمر اليسير ولكن هذه الصفحات  ما هي إلا محاولة بسيطة لسبر أغوار هذا الكنز العظيم ولتدبر آياته ومعانيه فالله تعالى نسأل التوفيق وأن يعلّمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علّمنا وأن يزيدنا فهماً لكتابه وعملاً بأحكامه وما توفيقي إلا بالله العزيز الحكيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا ودليلنا إلى الخير رسولنا محمد r.




لمسات بيانية في سورة الناس للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ النحو في كلية الآداب في  جامعة الشارقة














المعوذتان هما سورتان في القرآن الكريم جمعتا الإستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفيّة والواقعة على الإنسان من الخارج والتي تصدر منه من الداخل. فسورة الفلق تضمنت الإستعاذة من الشرورالظاهرة والخفية الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكن للإنسان دفعها ولا سبيل لذلك إلا بالصبر لأن الإنسان الصابر إذا صبر على هذه الشرور ينال الأجر من الله تعالى على صبره ويزيد في ميزان حسناته لأن الله تعالى يجزي الصابرين.والشر في سورة الفلق مما لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه فهو غير محاسب عليه




أما سورة الناس التي بين أيدينا فهي سورة الإستعاذة من شرور الإنسان الداخلية(النابعة من نفسه) وهي التي تقع على الإنسان نفسه أو على غيره وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعهاويتجنب ظلم النفس والآخرين وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان يكون في صحيفة سيئاته.والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه . السورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية.. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) .. ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع الناس دفعه وما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس). وكما قال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.




*"قل أعوذ برب الناس(1)"




أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجأ وأعتصم بالله.




قل: أمر الله تعالى للرسول بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل)  للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. وفيها قتل للغرورلأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، ولأن الذي يطلب المعونة من غيره يمتنع عن الغرور، ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول أو غيره من الناس.




قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه      فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه




قل: في هذا الإعلان  قتل بل علاج للكبر والغرورالذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان. (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لا بد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل) وهذا القول من أسباب الطاعة فإذا استعنا بالله ليعصمنا من الشرور فإنها من أسباب الطاعة له سبحانه. وإذا صاحب الإستعاذة شعور بالنفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه فهذا الشعور يُلين القلوب القاسية.




*"قل أعوذ برب الناس (1) ملك الناس (2) إله الناس (3)"




الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة.  وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسةعلى الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذها لوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة




. وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي: رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس). فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير.




وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون هناك العديد من المرشدين والمربّين في المجتمع لكن لكل دولة ملك واحد والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد للكل فانتقل في السياق من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد).




وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:




كلمة الناس تُطلق على مجموعة قليلة من الناس  أو واحد من الناس أو كل الناس.




والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة، أما الملك فناسه أكبر من ناس المربي وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً. فلو جاءت الآيات برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس (ناس الرّب) دون أن يشمل غيرهم ولما تحدد أي مجموعة من الناس. لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف.




. وكلمة الناس من حيث دلالتها العديدة في السورة تنتقل على عكس كلمة الرب والملك والإله من القلّة إلى الكثرة. فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل، وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر.




ولم تأتي الآيات في السورة بواو العطف فيما بينها ولا يجوز أصلاً أن يقول (برب الناس وملك الناس وإله الناس) وإنما جاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) وهذا حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة لأنها هي ذات واحدة فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد.وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس ومن أراد الإله يقصد إله الناس فلا إله إلا الله




*"من شر الوسواس الخنّاس (4) الذي يوسوس في صدور الناس (5) من الجنّة والناس (6)"




من شر الوسواس الخنّاس: جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس ) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان : "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال : من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس . قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن،  لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)




الوسواس: كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسةويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث)  وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار. وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ(شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط  للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.




الخنّاس: صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة، وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها. عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس)




الذي يوسوس في صدور الناس: ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.




من الجِنّة والناس: الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس. وفي آية أخرى في القرآن الكريم وردت الأية بتقديم شياطين الإنس على الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام آية 112.




* ما الفرق بين كلمة الناس في سورة الناس؟(د.حسام  النعيمى)




أصل السؤال متأتٍ من كلمة الناس التي هي قبل الأخيرة في السورة (في صدور الناس). بعض المفسرين قال كلمة الناس هنا بمعنى المخلوقين من الثقلين الإنس والجن فإذن هو يوسوس في صدورهم والناس الأخيرة (من الجنة والناس) هم البشر. لكن هذا الكلام مرجوح والرأي الراجح أن الناس حيثما وردت هي مقابل الجِنّة. الجِنّة والناس. عندنا الجِنّ يقابله الإنس وهما الثقلان، الجانّ يقابله الإنسان، والجِنّة تقابلها الناس لأن الجِنّة معناه المجموعة من الجِانّ ليس كل الجن وإنما أفراد من الجن. والناس هم أفراد من الإنس، وقد يطلق على الإفراد وقد يطلق على الجمع أو على مجموعة كبيرة أو على الإنس جميعاً فلما قابلها بالجِنّة التي هي لأفراد فمعنى ذلك أن كلمة الناس هنا يراد بها القِلّة.




لما يقول (قل أعوذ برب الناس) الإستعاذة هنا  ثلاث مرات (برب الناس، بملك الناس، بإله الناس) أما في سورة الفلق فإستعاذ مرة واحدة والمستعاذ منه أربعة. وهذا سؤال ورد من أحد المشاهدين وهو: في سورة الناس المستعاذ به ثلاث الربوبية والألوهية والملك والمستعاذ منه واحد أما في سورة الفلق فالمستعاذ به واحد والمستعاذ منه أربعة فما الفرق؟




هذا الوسواس أي الذي يقوم بالوسوسة يعني فاعل مثل ثرثار الذي يثرثر ويقوم بالثرثرة. فالوسواس الذي يقوم بهذا الشيء في صدور الناس الذي هو محطة عمله. الصدر بحيث يغبّش عليه ومن هذا الغبش يدخل إلى القلب. لماذا قال الصدر؟ حتى يظهر أن القلب وما يحيط به لأن الصدر مكان القلب وهذا مجاز مرسل. الإستعاذة هنا لأن الوسوسة التي في الصدر أو في القلب تتعلق بشيء داخلي وليس بشيء ظاهري. والشيء الداخلي هو الذي يتعلق بالإيمان والإعتقاد ومن هنا تأتي الوسوسة. ولذلك إستعاذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس لم يعطف لأن القضية خطيرة فإستعاذ بالمربّي الذي يتعهد بالتربية وبالملك المالك المتصرف وبالمعبود الإله (بالصفات الثلاث) لتنجيه من هذا الأمر لتسلم له عقيدته الداخلية . بينما الأذى  في سورة الفلق أذى خارجي ظاهري (حاسد قد يمكر بك، النفاثات قد يعملن شيئاً ضدك، الليل إذا أظلم قد تأتي منه أقعى أو غيرها ، السحر) كلها أضرار جسدية فهذه لا تقتضي كثرة الصفات وإنما صفة واحدة وهي (رب) لأن كل الأذى هو خلاف ما يريده الله عز وجل في تربيته لهم. خلاف التربية لأن الذي يؤذي لم يتربّى ولم يتلق التربية تلقياً صحيحاً والله تعالى أرشده إلى أن يتربى تربية صحيحة لكنه لم يفعل لذا إستعاذ برب الفلق. والفلق هو إنبثاق النور والضوء لأن عمل هؤلاء جميعاً يكون في الظلمة: الحاسد والنفاثات والساحر فهناك مناسبة عجيبة. وهنا أيضاً لما يقول (برب الناس) مسألة تربية، (ملك الناس) مسألة التملك والقهر لأن الملك ملك وقاهر ومتسلط.




فائدة هذا الترتيب : رب، ملك، إله: هو تدرج لأن التربية تكون في الصغر ثم الملك عادة عمله مع الجند ومع الكبار ، إله : المعبود الذي يفرّغ نفسه لعبادة الله سبحانه وتعالى هم عادة الكبار في السن أكثر من الشباب بعد أن يتفرغوا من الجندية أوغيرها. فهذا التردج هكذا من هنا جاء. الذي يوسوس في صدور الناس (من الجنة والناس) يعني هذا الوسواس يكون من الجن ويكون من الإنس، أما وسوسة الجن فهذا يدخل في مساحة الغيب الذي قلنا عنه في المتشابه (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) . الجن يوسوسون، كيف يوسوسون؟ هذه مساحة المتشابه ونحن آمنا به. أما وسوسة الإنس فنحن نعرفها: الصديق الذي يوم القيامة يقول القائل (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) الفرقان)، المستشارون الذين يوسوسون في صدور بعض الناس أو الحُكّام أو غيرهم ليقوموا بهذا العمل أو لا يقوموا بهذا العمل حينما لا تكون فيما يرضي الله عز وجل فهي من هذه الوسوسة. فوسوسة الإنس نحن نعاني منها في حياتنا. الوسوسة تطلق على الخبيث من الكلام أما المشورة فهي مطلوبة عموماً (وأمرهم شورى بينهم). الوسوسة كأنها كلام خافت هو ليست لديه الشجاعة أو الجرأة أن يصرّح بما يقول أو يُعلن الوسوسة عموماً لأن ما دامت بهذه الصورة وما دام يستعاذ منها فهي للشرّ وليست للخير لأن تلك نصيحة إذا كانت للخير فهي نصح أوإرشاد أو تذكير ولا تكون وسوسة لأن النُصح يكون واضحاً.

التوقيع
lol!
jassim
jassim
المدير العام
المدير العام
عضو مفضل
جائز التسجيل في المنتدى

الدولة : مملكة البحرين
المشاركات+ : 18887
نقاط الخبرة+ : 14322
تاريخ الميلاد : 03/07/1996
تاريخ التسجيل : 17/03/2017
العمر : 27

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى