|
|
مَوعِظة فِي الحثِ عَلى القَناعَة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مَوعِظة فِي الحثِ عَلى القَناعَة
مَوعِظة فِي الحثِ عَلى القَناعَة
عِبَادَ اللهُ مَا أَحْسَنَ أَنْ يَعِيشَ الْمَرْءُ قَانِعًا بِمَا رَزَقَهُ اللهُ
في هَذِهَ الحَيَاةِ فَلا يَمُدُّ بَصَرَهُ إلى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ
وَلا تَتَطَلَّعُ نَفْسَُهُ إلى سَلْبِ حُقُوقِ النَّاسِ أَوْ ظُلْمِهِمْ والاعْتِدَاءِ
عَلَى مَا وَهَبَ اللهُ لَهُمْ مِنْ نِعَمٍ جِسَامٍ فَإنَّ القَانِعَ يَشْعُرُ وَيُحِسُّ
بِسَكِينَةً وَطُمَأنِينةً كَمَا يَشْعُرْ بَأنَّهُ غَنِيُّ عَنْ كُلِّ الخلق
إِذَا كُنْتَ في الدُّنْيَا قَنُوعًا
فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ
وَذَلِكَ أَنْ لَهُ نَفْسًا رَاضِيةً بِمَا قَسَم الله آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
لَمْ يَتَسَرَّبْ إِلِيْهَا الجَشَعُ وَالطَّمَعُ اللذَانِ هُمَا مِنْ أَقْبَحِ القَبَائِحِ
وَأَسْوَأ الشَّمَائِلَ وَلا يَزَالُ صَاحِبُ هَذَيْنَ أَوْ أَحَدُهُمَا إِلا وَهُو مَذْمُومٌ
وَبَأَقْبَحِ الصِّفَاتِ مَوْسُومٌ لا تَعْرُضُ لَهُ القِنَاعَةِ وَلَوْ كَانَتَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لَهُ .
قَدْ مَلأَ حُبَهَا قَلْبَهُ وَغَمَرَ مَحَبَّتُها والتَّفَانِي فِي طَلَبَا قَلْبَهُ
وَصَارَ لا يَرْضَى مِنْهَا باليسِير وَلا يَقْنَعُ بالكَثِيرِ وَقَلَّمَا تَجِدُ مُتَّصِفًا بِهَذَا الوَصْفِ
إلا وَهُوَ مُتَشَتِّتُ الفِكْرُ قَلِيلُ الرَّاحَةِ عِنْدَهُ مِنْ الحَسَدِ والهَلَعِ
وَضَعْفِ التَّوَكُّلِ عَلى الله الشَّيْء الكَثِيرَ الذي يُخْشَى عَلَيْهِ مَعَ اسْتِدَامَتِهِ مَعَهُ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ .
فَاطْلُبْ إِلى مَلك الْمُلُوك ولا تَكُنْ
بادِي الضَّرَاعَةِ طَالِبًا مِن طَالِبِ
أَمَّا القَانِعُ ذُو النَّفْسِ الأَبَيَّةِ الرَّاضِيَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ الْمُتَوَكِّلَةِ عَلَى اللهِ
فَيُرْجَى لَهَا أَنْ تَنَالَها الآيَة الكَرِيمَةُ :
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ الآية .
قَالَ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًا فِي بَدَنِهِ
مَعَهُ قُوتَ يَوْمِهِ فَكَأنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذِافِيرَهَا » .
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا مِنْ يَوْمٍ إلا يُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ مِنْ تَحْتِ العَرْشِ
يا ابْنَ آدَمَ قَلِيلٌ يَكْفِيكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٌ يُطْغِيكَ .
لا تَجْزَعَنَّ لِعُسْرَةٍ مِنْ بَعْدِهَا
يَسْرَانِ وَعْدٌ لَيْسَ فِيهِ خِلافُ
كَمْ عُسْرَةٍ ضَاقَ الفَتَى بِنُزُولِهَا
لِلَّهِ فِي أَعْقَابِهَا أَلْطَافُ
وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ : أَطْيَبُ العَيْشِ القَنَاعَةُ وَأَنْكَدُ الْعَيْشِ
الجَشَعُ وَمِنْ الأَخْلاقِ الذَّمِيمَةِ التي تَجْعَلُ الإِنْسَانَ بَخِيلاً
بِمَا فِي يَدِهِ مُتَطَلِّعًا لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ الحِرْصُ والإفْرَاطُ في حُبِّ الدُّنْيَا
وَجَمْعِهَا وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلى إهْدَارٍ الكَرَامَةِ وَإرَاقَةِ مَاءِ الوَجْهِ
فَالْحَذرَ عِبَادَ اللهِ مِنْ الحْرِصِ عَلَى الدُّنْيَا فَإنَّ حُبَّهَا رَأْسُ كُلُّ خَطِيئَةٍ .
فَإنِّمَا النَّفْسُ مَا لَمْ تَنْأ عَنْ طَمَعٍ
فَرِيسَةٌ بَيْنَ ذُلِّ النَّفْسِ والظُّفُرِ
قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ : إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاي
وَعِزتِكَ وَجَلالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيتَكَ مُخَالَفَتَكَ ،
وَمَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وأَنَا بِكَ جَاهِلٌ ، وَ
لا بِعُقُوبَتِكم مُسْتَخِفٌ ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ،
وَغَلبَتْ عَلَيَّ شَقْوَتِي ، واغْتَرَرْتُ بِسِتْرِكِ الْمُرْخِي عَلَيَّ فَعَصيْتُكُ بِجَهْلِي
وَخَالَفْتُكَ بَسَفِهي وَأَسْوَأَتَاهُ مِنْ الوُقُوفِ بَيْنَ يَدْيَكَ
وَأخَجَلاه من العَرْضِ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَتُوبُ وَأَعُود ، وَأَعَاهِدُ وَأَنْقُضُ العُهُودِ .
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
نَسْأَلُكَ أَنْ تُوفِّقْنَا لِمَا فِيهِ صَلاحَ دِينِنَا وَدُنْيَانَا
وَأَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا وَأَكْرِمْ مَثْوَانَا وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا .
التوقيع
jassim- المدير العام
- عضو مفضلجائز التسجيل في المنتدى
- الدولة : مملكة البحرين
المشاركات+ : 18887
نقاط الخبرة+ : 14206
تاريخ الميلاد : 03/07/1996
تاريخ التسجيل : 17/03/2017
العمر : 27
رد: مَوعِظة فِي الحثِ عَلى القَناعَة
موضوع رائع
شكرا للمجهود الكبير
و جزاكم الله كل الخير
دمتم بخير و سعادة
التوقيع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى